الأربعاء، أغسطس ١٥، ٢٠٠٧

الطفولة الضائعة


اليوم صباحا وانا فى طريقى الى عملى أستوقفني طفل صغير لا يتعدى عمره 11 عاما فوجئت به بجانبي يطلب منى نقودا لكى يرجع الى منزله وأخد يشرح لي كيف ضاعت منه نقوده ولا يملك حتى ثمن الميكروباص ونظرا لخبرتى العريضة بالذين ضاعت منهم نقودهم أو يريدون شراء علاج أو يسافروا الى بلدهم وطبعا غالبيتهم كاذبين وكانوا يستوقفونى كثيرا وكنت أعطى للبعض منهم وأرفض أن أعطى للبعض الأخر أحيانا من مبدأ أن العمل الشريف خير له من هذا الذل ولكنى فى هذة المرة نظرت الى الولد فوجدته طفل عادى مثل كافة الأطفال بمعنى أنه ليس كأطفال الشوارع ولا الشحاذين بل بالعكس ملامحه وشكله طفل هادئ نظيف من الأخر أبن ناس يعنى ففتحت شنطتى وهممت أن أعطيه ما يريد ولكن فى أخر لحظة خشيت على هذا الطفل وقلت فى نفسى ممكن يكون بيكذب عليا وأصريت أن أصطحبه الى موقف الميكروباص وأدفع له الأجرة وأن أأخذ رقم تليفون أهله او أقرب تليفون لمنزله وبالطبع رفض الولد أن يعطينى أى رقم تليفون وحتى رفض أن يأتى معى ليركب وأصر على أخذ النقود فى يديه وأستمرت محاولته ومحاولتى معه لمعرفة أهله وحقيقة أمره وفى هذه اللحظة فوجئت بمجموعة من أطفال الشوارع شكلهم متشردين ومنظرهم بشع بدأوا يحوطوننى ودار هذا الحوار بيننا :

الولاد : أنتى يا ست أنتى أنتى عايزة ايه من الولا ده

أنا : وأنتوا مالكوا انتوا

الولاد : بنقولولك أيه سيبى الولا ده يمشى أحسنلك وأخذوا يشدوا الولد

أنا : أمشى يا ولد انت وهوه من هنا أحسن والله أوديكوا الأحداث

الولد : والنبى يا طنط سيبينى أمشى ومش عايز حاجة منك مش عايز فلوس خلاص

وأنا ماسكة أيده ومش عايزة أسيبها وبدأوا الولاد يشدوا شنطتى وانا أصرخ فيهم والمارة من الناس تجمعوا حولنا وبدأوا يفرقون الأولاد ويسبونهم وفعلا خافوا الولاد وظلوا يصرخون فى الولد أجرى يا ولا

وأطلقوا العنان لأقدامهم وجروا جميعا وهم يطلقون علينا أفظع الشتائم وشد الولد يده منى وجرى معهم وبدأ ت أسمع أنواع من تعليقات الناس على شاكلة :

وانتى مالك يا أختى ومال العيال دول

انتى حتغيرى الكون خليكى فى حالك

دورى بقى على الحكومة اللى سيباهم مرمين فى الشوارع

منهم لله أهليهم اللى رامينهم

دول صيع متشردين تبهدلى نفسك معاهم ليه بس

خلى بالك من نفسك ممكن يقابولكى فى شارع لوحدك وهما عرفوكى كويس دلوقتى

لم أستغرب من كل ما قيل ولكن كان كل ما يشغل بالى هذا الطفل النظيف وما سيؤل اليه حاله فيما بعد كنت حزينه عليه وتذكرت فى هذة اللحظة حادثة حدثت لي فى شهر رمضان العام الماضى إذ كنت خارجة من عملى وفى عز النهار الساعة 4 عصرا والدنيا زحمة وصيام بقى وكانت سيارة العمل فى التصليح وقررت أن أمش قليلا إلى أن أجد شيئ لأركبه ومشيت فى طريق عام واسع ولكن هذا الطريق نادرا ما يسير فيه أحد على قدميه كله عربات تجرى مسرعة لتلحق الفطار مشيت وانا مطمئنة اننا فى عز الشمس وفى رمضان يعنى لا يمكن يحدث لي شيئ وبعد كام خطوة شعرت بأن أحد يسير خلفى مباشرة لم أهتم وأكملت سيري ولكنى شعرت بشيئ يلمس ملابسي من الخلف فألتفت ووجدته ولد متشرد ملابسه قذرة حافى القدمين فى سن السابعة عشر أو الثامنة عشر على أقصى تقدير وعندما نظرت اليه وجدته يفعل حركات بذيئة بوجهه

فقلت له أنت يا قليل الأدب يا حقيرأيه اللى أنت بتعمله ده ده احنا فى رمضان يا كلب

وجريت وعبرت الطريق الى الجهة الأخرى ولكنه لم يسكت وجرى ورائي فوقفت فى وسط الطريق وخلعت حذائى وقلتله لو جيت جنبى حضربك بالجزمة يا كلب وأذا به يخرج من جيبه مطواة صغيرة ويقولى:

انتى بتشتمينى أنا طيب أنا حوريكى

والعربيات تجرى من حولنا ولا أحد يلتفت لي ولكن الحمد لله وجدت حارس مستودع يأتى جريا ومعه شومة كبيرة وشتم الولد وهدده بالشومة فخاف وجرى وهو أيضا يشتمنى ويصفنى بأفظع الصفات وهدئنى الرجل وقالى أمشى متخفيش وحاول أن يوقف أى سيارة أجرة كى تقلنى إلى منزلى وعلى بعد حوالى 20 مترا وجدنا عسكرى يستوقفنى ويسألنى أنتى حد ضايقك أصل سواق عربية نقل قالينا ألحقوا ولد بيهدد واحدة على الشارع

سألنى العسكري هو فين وقالى تعالى أعملى محضر

طبعا أنا لا عملت محضر ولا حاجة لأنى معرفش الولد مين وبعدين اللى زيه كتيير فى الشارع وكان كل اللى هاممنى وقتها أنى أرجع بسرعة لبيتى

تذكرت الولد ده وانا واقفة فى منتصف الشارع وأتحسر على الطفل الصغير الذى سوف يضيع وسط كل أطفال الشوارع وعلى البراءة والطفولة التى سوف تضيع منه وسوف يتحول مثلهم وتسألت هل أهله السبب ؟أم العيب فى تربيته ؟ أم فى المجتمع أو ده طبع ومش ممكن يتغير للأحسن مهما كان أهله أو العيب فينا نحن لا أدري

هناك ٢١ تعليقًا:

اسكندراني اوي يقول...

سؤال بسيط بس اجابته عاوزه تضافر ميت جهه مه بعض ودا طبعا مش حيحصل
نصيحه والله لله فعلا مالكيش دعوه بدول
لان اغلبهم بيكون عصابات
مش اغلبهم كلهم حتى وان بدى نظيف الهيئه

تحياتي ليكي
ومش عاوزين مغامرات من النوع ده تاني
العمر مش بعزقه

مهندس مصري بيحب مصر يقول...

بالضبط زي ما اسكندراني قوي قالك كده اللي يطلب فلوس تقولي له الله يسهلك
و تريحي دماغك و اسمك دعيتي له برضه

Esmat يقول...

السلام عليكم
هذه اول مرة اعلق عندك انا اسكندرنية ولكن اعيش خاج مصرى و اقامتى فى الاسكندرية لا تتعدى شهر كل عام وفوجئت ان اسكندرية اصبح فيها مثل ما تقولين القاهرة زحمة ممكن يحصل فيها بلاوى لكن اسكندرية جميلة وامان ده يحزن السبب فى ده أكيد اولا اهل بيفكرزا فى نفسهم على حساب لحمهم ويرموا ولادهم فى الشارع عشان يخف الحمل عنهم وحكومة همها اسعاد السياح على حساب توفير الحد الادنى من حقوق الغلابة واحنا لاننا بنشوف الغلط ونعدى من جنبه ولا نهتم لازم يبقى فى وقفة من الحكومة كل اسرة بتسيب ولاده فى الشارع تجازى غزاى مش عارفة يعنى امهاتهم وابهاتهم فين بينموا ازاى بالليل ربنا يستر على اللى جى بس خلى بالك انت من نفسك طالما الشارع مابقاش امان وبجد خوفتينى

نسرين - أمة الله يقول...

السلام عليكم
المشكله مش فى حاجه ولا شخص كلها حاجات بتكمل بعض تربيه دين اقتصاديات تعليم
وبعدين نجى للاساس اللى مفروض انه بيغرس الاخلاقيات لو هو اساسا معندوش يبقى حيضيف الذاى
يعنى ممكن تكون اسره اقتصادياتها بسيطه بس بتعرف تربى كويس ودينها كويس تعرف تقول وتغرس حرام وحلال وصح وغلط وان فى ربنا بيحاسبنا دى اساسيات لو اى حد طلع عليها حيقدر يواجهه الظروف الخارجيه
وبعدين بالنسبه لسواق النص نقل
من ناحيه هو غلطان عشان موقفش واتصرف هو
بس فى نفس الوقت انا مقدرش اجيب عليه كل العيب لان وفى الزمن ده مفيش حاجه مضمونه ما ممكن تكون دى حركه معموله عشان يتسرق هو وبتحصل كتير والافلام ياما بتعلم
بس المهم ان انتى خرجتى منها بسلام
اللهم استرنا فوق الارض وتحت الارض ويوم العرض عليك

اسكندراني في الغربة يقول...

انا عجبني موقفك
لو كل واحد قال و انا مالي المشكلة مش حتتحل
بس ممكن تشوفي حاجة تحمي بيها نفسك
و تتعلميي كام (بق) اسكندراني من الي بيخوف
:)
لحد ما ربنا يحلها من عندة
و يورينا يوم في الي كان السبب

غير معرف يقول...

للأسف أصبحت ظاهرة متفشية في المجتمع وأصبحت تزداد يوما بعد يوما


دمت بخير ووقاك الله شر هؤلاء الأطفال وأبعد عنك شرورهم

نانو يقول...

أسكندرانى أوي:
فعلا مش حيحصل أبدا عمرنا ما جنقف أيد واحدة سواء مؤسسسات أو حكومات أو أفراد حتى وحتفصل مشكلة الأطفال دول موجودة
وأنت ليك حق أنا فعلا كنت خايفة بس كنت بحاول أعمل حركة شجاعة كده على أساس أنقذ ما يمكن أنقاذه
وابقى ابتديت بنفسى بس للأسف مفيش فايدة
وشكرا على النصيحة

نانو يقول...

مهندس مصري:
انا فى أوقات كتيرة بعمل كده فعلا بس المشكلة أن الولد صعب عليا وحسيت أنى ممكن أساعده وابعده عن طريق التشرد الولاد دول بس مقتدرش لوحدى أعمل حاجة ووالله أنا برضه دعتيله بس بالهداية وأن ربنا يكرمه بحد ينقذه
تحياتى لك

نانو يقول...

esmat30:
لأ أسكندرية جميلة فعلا ومتخافيش منها ولا من أهلها لأن دول أهلنا بس المشكلة مش اسكندرية بس دى فى المجتمع كله محتاجين تقويم شامل لمجتمعنا وزى ما أنتى قلتى وزى ما أسكندرانى أوى قال هى مجموعة جهات المسئولين مش جهة واحدة و فعلا ربنا يستر على اللى جاى بس برضه حتفضل أسكندرية جميلة وامان لكل الناس وأهلا بيكى فى مدونتى واهلا بيكى فى أجازاتك لأسكندرية
تحياتى لكى

نانو يقول...

نسرين أمة الله:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
طبعا هو الأساس الدين لو أنغرس صح فى قلوبنا وقلوب ولادنا المشاكل حتقل كتيير بس برضه لازم حاجات تانية كتيير تتغير فى مجتمعنا علشان نقضى على مشاكلنا
بالنسبة لسواق النقل أنا مش مغلطاه بس أنا فى وقتها كنت بتنشق على أى حد ينقذنى والحمد لله على انها جت على كده

نانو يقول...

أسكندرانى فى الغربة :
ماهى هى دى المشكلة كل واحد منا بيقول وانا مالى هو أنا يعنى اللى ححلها
أدينى أنا حاولت وربنا ستر معايا بس مش كل مرة تسلم الجرة ولو أنى عارفة نفسى كويس مش حسكت لو اتكرر الموضوع برضه
واوعدك ححاول اتعلم بوقين يخوفوا كده
شكرا لك وتحياتى

نانو يقول...

صاحب المضيفة :
شكرا لك وربنا يسترها معانا ويارب متزيدش حالة التفشى دى
تحياتى لك

بنت الاسلام يقول...

ماتندميش ابدا علي خير عملتيه
الولاد دول ضحايا
ضحايا مجتمع ظالم
مش بيفكر غير في نفسه
الاولاد دول قنبلة موقوتة
لازم كلنا نفكر في حلها
حلها مش ان اجري واخاف
حلها اننا نشترك ونجمعهم في مكان يحميهم من الطريق
ويحسسهم انهم بشر
يستحقوا انهم يعيشوا

نانو يقول...

battabakr:
الحمد لله مندمتش عمرى على أى خير عملته الموضوع ده عايز على رأى أسكندرانى أوى تضافر ميت جهة وياريت يحصل بينهم تعاون ونحل مشكلة الأطفال دول لأنهم فعلا يقطعوا القلب كفاية رميتهم فى الشارع اللى بيحولهم لمجرمين حقيقيين
وبالطبع هم من حقهم يعيشوا زى أى أنسان فى الدنيا
ربنا يسترنا ويسترهم
تحياتى

EGYPT EYES يقول...

والله فكرتيني بموقف مع اطفال الشوارع مش ممكن انساه كنت قاعد على قهوه في وسط البلد وجالي ولد شكله كويس كده وطلب مني فلوس عشان ياكل ولما سألته هو منين قالي من المحله الكبرى !!!!!! وأنه هربان لأن ابوه بيضربوا على طول ولما سألته عن أمه قالي بالفظ أمي ميته من زمان ومش فاكرها والله حاولت اقنعه يروح والولد رفض في اصرار غريب خلاني افكر هل من الممكن أن الشارع يكون أحن على الأولاد دول من أهلهم على اي حال اسف على الأطاله
تحياتي لبت بلدي الزملكاويه ):

القلم السكندري يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
bastokka طهقانة يقول...

يا ربي معقول في عيال بالشكل ده في الشوارع و انا و لا حاسة
ربنا ينجيكي يا نانو
انا بقترح تشيلي معاكي اسبراي للطوارئ


اوروفوار

نانو يقول...

egypt eyes:
أيوه فعلا أحيانا بيكون الشارع أحن عليهم من أهاليهم ومتسألنيش أزاى لأنى مش عارفة أزاى بيكون فيه أهل بالصورة دى اللى تطفش ولادها من البيت وشكرا ليك ونورت

نانو يقول...

القلم السكندرى:
كلامك مظبوط ضاعت مننا الشهامة والمرؤة والجدعنة وللأسف يمكن دلوقتى تلاقى بنات أجدع مية مرة من الرجالة وهى دى المشكلة
شكرا ليك وتحياتى ونورتنى

نانو يقول...

طهقانة :
نورتى مدونتى للاسف فعلا كل ده موجود فى الشارع وانتى أكيد بتشوفيه كتير بس تلاقى طهقان بيدافع عنك ومحدش يقدر يكلمك ربنا ينجينا جميعا وبقولك ايه خلى بالك من طهقان انا وعدته أنى أوصيكى عليه الراجل جبر خاطرى وكتبلى فى الشات بوكس
نورتينى بجد

الطائر الحزين يقول...

موجود كثير
والعسكرى بيقول يعمل له محضر يحضرة اخير يا شيخة

لاسف كل هؤلاء معروف اماكنهم وتجمعاتهم ولكن لا حاىة لمن تنادى

اللهم انا نعوذ بك من تقلب الاحوال
اللهم عافنا

تحياتى